رُسل الواقع // غالية جور زئيف, أمينة
الصراعات ذاتها والميادين ذاتها. كما في الطقوس الثابتة الدائمة يخرج المصورون الى الميدان بهدف التفتيش عن الصورة الفوتوغرافية الرائدة التالية. آلاف الصور التي أحضرت للمسابقة هذا العام تعود وتثبت لنا بأن المصورين لم يتعبوا ولا يزالوا مستمرين في العمل كشاهدي عيان في الأماكن والأحداث التي أصبحت بالفعلمألوفة, كالتي من السهل تحويل نظرنا عنها.
المعرض إفادة محلية 2010 هو بمثابة سرد شامل لأحداث العام الماضي: تعزيز الصراع من اجل تحرير جلعاد شليط, أسطول الحرية لغزة, إخلاء القرية البدوية العراقيب, طرد أطفال العمال الغرباء, مظاهرات اليسار في بلعين ضد الجدار الفاصل, صدامات حكومية مع التيارات الدينية المتزمتة, مظاهرات في حي الشيخ جراح وغيرها. لكن من هنا لا يمكننا الافتراض بأن التقرير الإعلامي "يغطي" جميع أحداث العام, ولا يدّعي المعرض ايضا بأنه يعرض جميع الأحداث.
صنفت الصور التي بعثت الى المسابقة في عشر فئات منها: الأخبار, السياسة, الدين والإيمان, الثقافة والفن.هذا التصنيف غير طبيعي. الواقع اليومي معقد أكثر وغير مرتب حسب معايير الفئات. على سبيل المثال, الصور التي صنفت في فئات "الدين واليمان" و"الحياة اليومية", اشتقت أحيانا من حوادث إخبارية وبالعكس.
صور الصحافة مرفقة دائما بنصوص وسيطة تفرض عليكم معان وتفسيرات ليست نقية من المعالجات البارعة. يسمح فصل الصورة عن النص بالابتعاد عن المكتوب والانتقال الى ما وراء زمن الصورة.
التحول الذي مرت به الصور بعد قبولها في المسابقة وعرضها في فراغ متحفي, يوسع مجال التأمل. الحضور الفعلي الجديد, الاختيارات الجديدة, التسلسل الجديد – كل ذلك يعلمنا بأن الصورة تحمل حياة جديدة وإمكانيات إضافية. إخراج التصوير من سياقه الأولي يؤجل موته.
على ماذا تحتوي الصورة التي انتقلت من مرحلة الى مرحلة في لجان التحكيم؟ ماذا بها وليس بغيرها ليجعلها وتعلو وتسمو وتستمر في إحداث الأصداء؟ ما وراء المضنون, الجمال, البنية, الألوان وزوايا التصوير من رموز تذكرنا بما حُفر في ذاكرتنا الحضارية الجماعية.
اليوم الكاميرا موجودة في متناول الجميع. يصوّر الجميع بكاميرات رقمية بأحجام مختلفة, بالهواتف الخلوية وبالفيديو في الوقت الملائم. في الحقيقة, كل حادث تقريبا معرّض لعين الكاميرا. الكل مصوَّر وفي النهاية منشور. الصور التي تعلو الى الفيسبوك اليوم هي الأخبار التالية. يطرح انتشار التصوير عند الجميع صراعا بين التصوير الاحترافي والهاوي. المعايير التي حددتها أنظمة الجرائد لنشر الصور تبددت أمام الإمكانيات الغير محدودة التي يقترحها الانترنت اليوم. لكن المعيار الوحيد هو حجم تجدد المعلومات المرئية.
"بلا شك يحبذ عصرنا التقليد على الأصل, التمثيل على الواقع, المظهر على الجوهر".
لودفيج فويرباخ, "مقدمة في أسس المسيحية", 1843