إلتقِط لي صورة على خلفية كلمات قد قيلت

موران شوب، امينة إفادة محلية 2013

الصورة الفوتوغرافية، كالدمار، تبقى دائما مدفونة تحت الاغطية وتنتظر من يعود اليها. يعيدنا التأمل في الصور الى زمن سابق، الى قصص بقيت مفتوحة كالجروح، إلى اطلال لم تدفن بعد. يقوم الزمن بدفن الاطلال، بينما تزيله صورة فوتوغرافية لتكشف فراغا لم يمتلئ بعد ووقائع لم تتغير وبقيت دمارا.

في فضاء المعرض تحيط بنا الجدران من كل جانب، جدران، جدران ولكن بدون سقف، ماذا يشبه هذا الفراغ حسب رأيك? موقع بناء? او اطلال منزل مهدم?

في قصيدة 42 من دورة رباعيات للشاعر يهودا عميحاي، يطلب المتحدث في القصيدة أن يتم تصويره على خلفية اطلال خلّفها الحرب: "التقط لي صورة على الكثبان الرملية بجانب المدرعة المحطمة / التقط لي صورة على خلفية كلمات قد قيلت/ كلمات لن تقال مرة اخرى. بدون أمل ... كالألعاب النارية ... ". الألعاب النارية تعِدُ للحظة وتنطفئ، حالها كحال وميضٍ ينير مسرح الحدث، يسمح بلحظة التصوير ثم ينطفئ. الصورة التي تخلّد مكان وزمان الدمار، لا تطرح مستقبلا من نوع اخر، ولكن تتوقع خرابا مستديما.

عِقد على إفادة محلية وآلاف السنين من الوجود على أرض هذه البلاد تشهد بأن الحرب من اجل المنزل، بالمعنى البسيط لكلمة "منزل"، بمعنى الرغبة والحق في السكن - هي الفائزة. لا الحق في الحياة الكريمة هو الفائز، بل الحرب هي من يفوز.

تأملوا في الشخصيات التي صُورت على خلفية جدران مهدمة، تأملوا في الفتاة التي ترفع رأسها صوب سقف منزلها الذي قُصف - الكرب الذي ارتسم على وجوه المصوَّرين في صورة من العام الماضي أو قبل خمس أو عشر أو مائة عام – لن تصبح روتين إذا عُ عنها بشكل جيد في الصورة الفوتوغرافية، لا يستطيع الزمن ان يُنسي ألم الفتاة التي تهدّم منزلها، ولكن صورتها، كمدينة دَفنت العديد من طبقات اطلال ماضيها، قد تكون بمثابة رسم توضيحي لعدد لا يحصى من الحالات الأخرى: الخراب، الحرب، الرعب. "التصوير هو اكبر مخادع للحضارة" هكذا كتب آدم باروخ؛ يجلب التصوير تفسيرات تنفي القصد الأصلي (صورة فوتوغرافية لسعادة عائلية يمكن فهمها كتوثيق لرعب هادئ). اذا، صورة لفتاة على خلفية خرائب منزلها لم تعد تمثل تلك الفتاة الخاصة، وانما تخلّد الدمار. ولذلك، لأنها لا تمثل، بل تخلّد – يفوز ايضا أسلوب المنتصرين او المهزومين.

لو استطعنا فقط ممارسة حقنا في عدم التنافس مع بعضنا البعض، عدم التصادم ببعضنا، عدم تصفية الحسابات مع بعضنا. لا ندمر. لا نتخاصم.